أخبار عاجلة
الرئيسية / مجتمع / حكاية من غرب مجتمع الفايسبوك : يفعلها الكبار .. فيذهب ضحيتها الصغار.

حكاية من غرب مجتمع الفايسبوك : يفعلها الكبار .. فيذهب ضحيتها الصغار.

 

    صورة الام تحضن رضيعها

متابعة الإعلامي الحبيب العربي

الحلقة الثانية.. سلسلة جديدة أقترحها عليكم من حين لآخر كي نسلّط الضوء على بعض نمط المجتمع الغربي ونستخلص منه العبرة.. حلقة اليوم بعنوان : يفعلها الكبار.. فيذهب ضحيتها الصغار.. قصة الحلقة الثانية تطلعون عليها في هذه الفقرة المطولة نسبيا . 

هذه السلسلة بطلتها بنت تبلغ من العمر عشرين سنة.. متوازنة الشخصية والنفسية.. “دلّولة” أبيها.. وهي تستعد لاجتياز امتحانات البكالوريا في بلجيكيا قريبا. هي “دلّولة” أبيها لأن أمها رحلت عن الدنيا منذ خمسة أعوام وأبوها “كرك” عليها والتفّ من حولها يغدق عليها العطف والحنان بلا جساب حتى لا تشعر بالفراغ الذي خلفه موت امها في يوم ذكرى ميلادها العشرين، أبوها أعد لها أجواء عيد ممتازة في البيت وقد طبخ بنفسه العشاء وجلب لها الهدايا منتظرا حلول منتصف الليل كي يقدّمها لها الطاولة جاهزة و البنت جالسة امام مكتبها تداعب الكمبيوتر و تقرأ تهاني أصدقائها لها بعيد ميلادها العشرين وفجأة، وقعت عيناها على تهنئة من بنت تقول لها فيها أنا أهنّئك بعيد ميلادك العشرين وأنت تهنّئينني أيضا لأنني مولودة كما انت في مثل هذا اليوم قبل عشرين عام.

الفضول جعلها تدخل صفحة المهنّئة لها وتنظر صورها على الفايسبوك فإذا بها ترى صورها هي تحت اسم آخر، هو اسم البنت المهنّئة لها.. تثبّتت مليا في الصور.. وقالت في نفسها : – موش معقول، هذه البنت أخذت صوري وصنعت بها صفحتها على الفايسبوك.. في الأثنا هي لاحظت ان تلك البنت قد وضعت ضمن إرشاداتها الخاصة رقم هاتفها. سجّلته لديها ثم قالت في نفسها ثانية : – لِمَ لا أطلبها الآن وأخاصمها على استعمالها صوري في الفايسبوك ؟!.. ثم طلبتها على الفور. الأخرى ردّت في الحين.. قالت البنت المحتفلة للبنت المهنّة :عيب عليك أن تستعملي صوَري في صفحتك بالفايسبوك !؟.. ردّت الثانية قائلة بشيء من الإحتجاج : – احترمي نفسك واعرفي من تخاطبين.. كل تلك الصور التي رأيتها هي لي حقا وأنا صاحبتها.. وإني لسعدت كثيرا دون أن ادري لماذا حين عثرت عليك بالفايسبوك تحتفلين مثلي اليوم بعيد ميلادك.. ثم دار بينهما حوار بدون سابق تحضير جعل نقاط الاستفهام تقفز في ذهن كل منهما.. وقبل أن ينتهى تحاورهما اتفقا على موعد بين يومين تلتقيان فيه دون إعلام أي كان من عائلتيهما.. وخلال اليومين التاليين، كانت التساؤلات لا تنتهي لدى كل منهما.. ومنها  قولهما  : هل يُعقَل أن تكون لي شبيهة لي بهكذا قدر من التشابه ؟؟!!.. ومرّ اليومان ثقيلين وبطيئين.. ثم كان اليوم الثالث.. يوم التلاقي في المقهى الذي اتفقتا عليه وفي الوقت المحدّد.. من بعيد، استشعرت كل واحدة منهما الأخرى.. وقد كانتا ترتديان بنفس الشكل وشعر كل منهما أصفر ورطب ومشدود في شكل قرنين.. وأول ما اقتربا من بعضهما قالت كل واحدة منهما للأخرى دون سابق تفكير : – أحببتك من اول ما رأيتك بالفايسبوك.. لحظة.. ولحظات ثم جاءهما نادل الفضاء يسألهما ماذا يطلبان كمشروب.. قالت الأولى : – هات لي مشروب إجّاص.. أنا أحبه كثيرا.. وقالت الثانية : – وأنا أيضا هات لي نفس المشروب، فأنا اموت فيه.. نظرت كل منهما لرفيقتها فإذا بهما يكتشفان أن لهما نفس لون العينين الغارقتين في الزّرقة وأن لابتسامتهما شكلا واحدا، فضلا عن نبرة الصوت التي لا تختلف لدى أي منهما عن نبرة الأخرى.. يا إلاهي.. ما هذا الشبه الكبير !!؟؟.. وقبل أن تغترقا قالت الأولى عن وضعيتها العائلية : – أمي توفيت منذ خمسة أعوام وأنا أعيش مع والدي.. قالت الثانية : أبي وأمي مفترقان منذ أن كنت رضيعة وحاليا انا اعيش مع الوالدة وهي ترعاني وتسهر على تربيتي.. ثم اتفقتا على أن تسأل كل منهما الأب والوالدة عساهما يعثران عن حل للغز تشابههما.. عادت كل منهما لبيتها والفكر شارد والعقل حائر.. تُرى، هل من الممكن أن تخبر كل منهما وليها عن شبيهتها في الجانب الآخر من البلاد البلجيكية ؟.. البنت المحتفلة بالعيد مع والدها، استجمعت كل قواها.. فتحت الكمبيوتر ثم نادت أباها وقالت له : – تعال با ابي أريك شبيهتي.. انطر.. ألا تراني في شكلها وملامحها ؟.. انها من نفس سنّي.. حتى صوتها به نيرة صوتي.. في الناحية الأخرى من بلجيكا، جلست البنت الأخرى إلى جهاز الكمبيوتر.. فتحته.. ثم ذهبت به لوالدتها وسالتها : – ما رأيك

في هذه الأشياء التي ارتديها في الصور ؟.. أليست لائقة عليّ ؟.. نطرت الأم وأجابت : – ولكن، هذه ليست ملابسك.. فأنا لم أشتر لك منها.. في البيت الآخر لم يفهم الأب ما كانت تقوله له ابنته.. هو اكتفى بالقول : – ويخلق من الشبه أربعين.. قالت له ابنته : – أيي، هذه البنت انا قابلتها وجلست إليها يوم أمس.. وهي تشبهني في كل شي،.. حتى في حركاتها وسكناتها.. فهل عندك تفسير ؟..

قال : لا.. أبدا.. ثم سكت فجأة.. وأبعد نظره عن ابنته وسرح في التفكير في شيء لم تفهمه البنت.. فما كان منها إلا أن جذبته إليها.. مسكته من يديه ثم قالت مندهشة : – فيمً سرحت يا والدي العزيز ؟.. قال بصوت هادئ وبشيء من التلعثم : – ماذ أقول لك يا ابنتي العزيزة ؟.. هل تكون ساعة الحقيقة قد حلت الآن ؟؟.. – ساعة الحقيقة !!؟؟.. عن أي حقيقة تتحدث با ابي ؟!.. جلس على الأريكة.. استنشق نفسا عميقا.. بحث له عن ريق في فمه فلم يجده.. ثم قال : – انصتي اليّ جيدا.. الحقيقة التي قصدتها هي التي لم تسمعيها من قبل أبدا.. وقد كان في حسباني انا وأمك الراحلة أن نخبرك بها في عيد ميلادك الخامس عشر، لكن برحيلها قبل خمسة أعوام، ما استطعت أن أفعل ذلك.. والآن صار لزاما عليّ أن أقول لك أنني لست والدك.. وامك الراحلة ليست هي من ولدتك.. فنحن لم ننجبك.. ولم نكن قادريْن على الإنجاب.. لذلك نحن ذهبنا إلى الكنيسة حيث أشاروا علينا. بتبني رضيعة من المستشفى، فكنت انت.. وها نحن قد كفلناك.. وربّيناك.. وما بخلنا عليك بشيء.. حتى بعد موت أمك مربيتك، أنا بقيت على العهد معك ولم أشأ حتى الزواج من امرأة أخرى كي لا تبعدني عنك.. ثم سكت.. ليضيف بحرقة وهو يقول : – ليتك يا جان، زوجته، معي الآن.. البنت مذهولة.. لم تصدّق ما سمعت.. ثم هي الأخرى بكت بحرقة واكتفت بالقول : انا ألوم عليك فقط عدم مصارحتي بالأمر من قبل.. ثم أضافت : – وهذه البنت التي تشبهني، هل تكون شقيقتي ؟.. إنها مولودة يوم مولدي تحديدا.. لكن أمها تحمل غير اسم أمي ؟.. قال : – لا أعرفها.. وصدّقيني لا ادري شيئا لا عنها ولا عن والدتها.. في الشق الشرقي من العاصمة بروكسال، كانت البنت الأخرى تسأل أمها بإلحاح  : أمي أرى أن في أمر هذه البنت الأخرى شبيهتي في كل شيء سرا اريدك ان تساعديني على تفكيك رموزه.. تنهدت للأم وأطلقت زفرة طويلة ثم قالت : – أيها الزمن الغبي.. ظننتك لا تعود إلى الوراء أبدا.. وظننت أن ما فات قد مات ولن يعود.. قالت البنت وهي تكاد ترفع صوتها على امها : – أمي أكاد أجن.. افصحي. قولي لي ماذا تقصدين بحديثك هذا عن الزمن.. قالت : – يا ابنتي.. يبدو أن هذه البنت شقيقتك.. وهي توأم لك.. أنا ولدتك وولدتها معك في نفس اليوم وفي نفس المستشفى.. انتما ثمرة قصة حب عابر مع رجل هرب عليّ من يوم ان ولدتكما.. ولما كانت حالتي المادية متدهورة جدا آنذاك فقد فضلت الإبقاء عليك انت فقط ووافقت على النفريط في البنت الثانية عن طريق الكنيسة.. والآن، يبدو أن القدر قد لعب دوره لتلتقيا فجأة وصدفة يوم بلوغكما العشرين من العمر.. اشكري الرب الذي ساعدني كي أقوم بكل ما قمت له معك لحد الآن ولتعتبري أن الله قد كتب لك بداية من هذا اليوم حياة جديدة قوامها أختان جمعهما القدر بعد عشرين عام فلا تفترقا بعد اليوم.. البنت قالت لأمها : – سامحك الرب.. ثم سحبت جهاز هاتفها من جيبها ورسمت رقم البنت الأخرى وطلبت.. في الجانب الآخر من الخط ردت متقبلة المكالمة لتسمع شقيقتها تقول لها : – يا إلاهي.. أكاد أطلق زغرودة مثلما يفعل العرب.. أنت أختي وأنا شقيقتك.. وتفاصيل القصة ستسممعينها من أمي والدتك الحقيقية غدا عند الغداء نلتقي في بيتنا هذا.. اصطحبي اباك مُربيك وتعالي.. ومن الغد عند الإلتقاء اختلطت دموع الحسرة والندم على ما فات بدموع الفرحة والمنعرج الجميل الجديد في الحياة.

عن Baha

شاهد أيضاً

سلامتك من الآه خويا منجي.

ري المنجي النصري     مكتب حمام الأنف متابعة الصحفي بدرالدين الجبنياني   بعد الوعكة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *