الرئيسية / إقتصادية / تونس والتحديات العالمية. أي استراتيجية لمواكبة التغيرات؟

تونس والتحديات العالمية. أي استراتيجية لمواكبة التغيرات؟

مكتب صفاقس

 

بقلم الأستاذ محمد جمال الشرفي

تعيش العالم اليوم على وقع تحولات كبرى تطال كل المجالات، من الاقتصاد إلى التكنولوجيا، ومن العلاقات الدولية إلى التركيبة الديموغرافية للمجتمعات. في ظل هذه التغيرات، تجد الدول نفسها أمام تحديات غير مسبوقة تتطلب استراتيجيات مرنة واستباقية لمواكبتها. فكيف استعدت تونس لهذه التحولات؟ وهل وضعت استراتيجية واضحة لمجابهة التحديات الجديدة؟

التغيرات العالمية وأثرها على تونس

تشهد الساحة الدولية اليوم صراعات من نوع جديد، لم تعد تعتمد فقط على القوة العسكرية، بل انتقلت إلى ميادين الاقتصاد والتكنولوجيا. فالتنافس بين القوى الكبرى أصبح يرتكز على التفوق التكنولوجي والقدرة على التحكم في البيانات والموارد الرقمية، مما يجعل الدول التي لا تواكب هذا التطور مهددة بالتهميش الاقتصادي والاجتماعي.

تونس، كغيرها من الدول، ليست في منأى عن هذه التحولات. فالأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، إلى جانب الضبابية السياسية والتغيرات الجيوسياسية في المنطقة، تفرض على صناع القرار إعادة التفكير في النموذج التنموي التونسي والاستراتيجيات المتبعة لمواجهة هذه المتغيرات.

هل لدينا استراتيجية واضحة؟

في مواجهة هذه التحديات، تبقى التساؤلات مفتوحة حول ما إذا كانت تونس قد أعدت العدة لمجاراة هذه التحولات. فهل هناك رؤية واضحة لاستغلال الفرص التي توفرها التكنولوجيا الحديثة؟ وهل توجد سياسات فعالة لحماية الأمن القومي الرقمي وتأمين سيادة القرار الاقتصادي؟

تحتاج تونس إلى استراتيجية متعددة الأبعاد تشمل:

1. تعزيز الاستثمار في التكنولوجيا والبحث العلمي: من خلال دعم الشركات الناشئة، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتحفيز الابتكار في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.

2. تنويع الشراكات الاقتصادية والدبلوماسية: بدلاً من الاصطفاف العشوائي مع قوى دولية دون رؤية واضحة، يجب أن تعتمد تونس على دبلوماسية اقتصادية تضمن استقلالية القرار وتحقيق المصالح الوطنية.

3. إصلاحات اقتصادية واجتماعية عميقة: بهدف خلق بيئة استثمارية جاذبة، وتقليص الفجوة الرقمية بين مختلف فئات المجتمع، وتوفير مناخ يسمح باندماج تونس في الاقتصاد الرقمي العالمي.

بين الحرب الباردة التكنولوجية والاصطفاف الدولي

العالم اليوم يشهد ما يمكن تسميته بـ”حرب باردة تكنولوجية”، حيث أصبح التفوق في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والاقتصاد الرقمي عاملاً حاسماً في تحديد موقع الدول في الخريطة العالمية. فهل تمتلك تونس القدرة على حماية سيادتها الرقمية؟ وهل حددت موقعها في هذه المعركة؟

الاصطفاف ليس مجرد اختيار بين قوى دولية، بل هو قرار استراتيجي يجب أن يُبنى على أساس المصالح الوطنية. تونس بحاجة إلى تبني نموذج يضمن لها الاستفادة من التغيرات التكنولوجية والاقتصادية دون أن تصبح رهينة لأي قوة خارجية.

خاتمة

إن التغيرات العالمية الحالية تفرض على تونس ضرورة التحرك بسرعة لوضع استراتيجيات واضحة وفعالة. فلا مجال للانتظار أو التردد، بل يجب استثمار الظرف الراهن لبناء اقتصاد متين يعتمد على التكنولوجيا والابتكار، وضمان استقلال القرار الوطني في عالم تزداد فيه المنافسة وتعقد فيه العلاقات الدولية.

عن Baha

شاهد أيضاً

مقترح قانون العفو العام في جريمة إصدار شيك بدون رصيد..عميد المحامين يثمن ونقابة القضاة تتفاعل

مكتب تونس   المصدر : Tounes news عقدت لجنتا التشريع العام والنظام الداخلي والقوانين البرلمانية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *