الرئيسية / صحة / موظفة تستغل سيارة إدارية بغير وجه حق و لأغراض شخصية دون سواها … فأين الرقابة؟

موظفة تستغل سيارة إدارية بغير وجه حق و لأغراض شخصية دون سواها … فأين الرقابة؟

بالمرصاد نيووز – تونس العاصمة

بقلم الصحفي بدرالدين الجبنياني

تونس، ولاية بن عروس — منذ سنوات يشتكي مواطنون وموظفون داخل إدارات عمومية من ظاهرة لم تعد تُخفى: سيارات إدارية تُستخدم بطرق شخصية على الخطوط اليومية بين المنزل ومقر العمل، في حين تُحرم مؤسسات بنفسها من أبسط أدوات العمل. مصدران مطلعان أبلغانا أن رئيسة قسم في إحدى إدارات ولاية بن عروس التابعة لوزارة الصحة تستعمل سيارة إدارية بصفة دائمة للانتقال من بيتها إلى مقر عملها والعكس، دون أداء أي مهام إدارية إضافية تُبرر هذه الحظوة، وُمضت محاولات متكررة لإيقاف هذا الاستغلال — «لكن دون رد فعلي يذكر».

هذه لافتة مقلقة أكثر من كونها حادثة معزولة؛ إنها مرآة لعقلية «رزق البيليك» كما يصفها البعض: التعامل مع ممتلكات الدولة كغنيمة خاصة، واستباحة قواعد الإدارة العامة حينما يغيب الضمير أو الرقابة. والمثير أن الشكاوى لم تتوقف عند اللغة، بل تصاحبها مطالبات رسمية وغير رسمية لإتخاذ إجراءات: إعادة السيارة إلى خدمتها، فرض الغرامات، وتفعيل نظام محاسبي واضح لحركة السيارات الإدارية. ومع ذلك — حسب المصادر — لا أحد يبادر.

من يضع اليد على مركبات الدولة هو من يضع اليد على ميزانية المواطنين. فكل سيارة تستغل خطأً تعني خسارة مادية صريحة (وقود، صيانة، وأحياناً عقوبات قانونية لاحقة)، وتعني أيضاً حرمان موظف أو مصلحة من خدمة كانت ستسهم في تحسين العمل العام. وفي ظل تراجع الإمكانيات وتقليص الميزانيات في السنوات الماضية، يصبح هذا التسيب أشد قسوة ونذيراً بتضاؤل جودة الخدمات العمومية.

قواعد اللعبة واضحة: السيارات الإدارية مخصصة لأداء مهام رسمية؛ قانوناً وإدارياً يجب أن تُسخر لخدمة المرفق العام. لكن في الواقع، ثغرات الرقابة وسذاجة تطبيق الأنظمة تفتح الباب للتساهل، خاصة حينما يغيب المحاسِب الصارم أو المسؤول الذي يلتزم بالقول والفعل. والنتيجة؟ السلطة تُستغل، والمواطن يدفع الثمن.

نداءاتنا المتكررة إلى المصالح المعنية — ومن بينها وزارة أملاك الدولة والجماعات المحلية المعنية بمراقبة الممتلكات العمومية — يجب أن تُترجم إلى إجراءات فعلية: فتح تحقيق إداري مستقل، تحديد المسؤوليات الإدارية والقانونية، وإعادة السيارة إلى الخدمة أو استرداد قيمتها إن تطلب القانون ذلك. كما أن على وزارة الصحة أن تضع سجلاً محكماً لاستخدام السيارات الإدارية، مع نشره في بوابة الشفافية لكل مواطن ليطلع على من يستخدم ماذا ولماذا.

وفي هذا السياق، لا بد من تذكير رئاسة الجمهورية بسياسة مكافحة الفساد التي أعلنها رئيس الدولة قيس سعيد، والتي من المفترض أن تُترجم عملياً إلى تعليمات واضحة للمصالح الرقابية لعدم التساهل مع أي تجاوز. إن اتخاذ قرارات رادعة ومعلنة قد يبعث رسالة قوية: أن لا أحد فوق القانون، وأن الممتلك العام ليس للاستغلال الشخصي.

السؤال الكبير يبقى: متى سنقضي على عقلية «رزق البيليك»؟ متى سيتحول مطلب الشفافية والمساءلة من شعارات إلى أفعال ملموسة تخفض نهب المال العام؟ لا جواب تلقائي لأن الجواب مرتبط بإرادة سياسية وإدارية حقيقية، وبمجتمع لا يرضى بالسرقة المبتسرة تحت مظلة الوظيفة العامة.

و في الأخير نقول إذا كان الوطن يستحق منا الكلام، فهو أحق منا بالعمل. لا عذر لسكوت الجهات المعنية، ولا غفران لمن يختار طريق الاستئثار على حساب المصلحة العامة. المطلوب تحقيق شفاف، محاسبة واضحة، واستعادة كل ما استغل عبثاً. وإلا فستظل سيارات الدولة تتجول وكأن كل شيء على ما يرام، بينما تنزف ميزانية مؤسساتنا وتتبخر ثقة المواطنين.

عن Baha

شاهد أيضاً

اصدارات: كتاب”أيام في بالي”لمحمد الماطري صميدة رحلة ثقافية وسياحية بعيون تونسية لأندونيسيا الساحرة.

ذ بالمرصاد نيوز – تونس    بقلم الإعلامي منصف كريمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *