ليلة استثنائية عاشها جمهور مهرجان قرطاج الدولي، على وقع صوت الفنانة اللبنانية نجوى كرم، التي عادت لتتربع من جديد على عرش ركح قرطاج، في سهرة غنائية مبهرة جمعت بين الإبداع، الحنين، والتفاعل الجماهيري اللافت.
منذ اللحظات الأولى، بدا واضحًا أن الحضور كان قياسيًا، حيث غصّ المسرح الروماني العريق بالجماهير التي تدفّقت من مختلف أنحاء تونس وخارجها، ليشهدوا ليلة طربية بامتياز، أعادتهم إلى الزمن الجميل، وأكدت من جديد أن صوت نجوى كرم لا يزال نابضًا بالحياة، متمسكًا بجذوره، ومواكبًا في آنٍ معًا لكل جديد.
قدّمت نجوى كرم خلال السهرة مجموعة من أشهر أغانيها التي رسّخت اسمها في ذاكرة المستمع العربي، نذكر منها: “حكم القاضي”، “ما بسمحلك”، “بنوب بنوب”، “عاشقة أسمراني”، “كبرنا يا بي“، وغيرها من الأعمال التي مثلت محطات مفصلية في مسيرتها الفنية. ولعل أداءها لأغنية “كبرنا يا بي” كان لحظة مؤثرة ومليئة بالمشاعر، باعتبارها رسالة حب ووفاء لكل أب، لمست قلوب الحاضرين وأثارت تفاعلاً وجدانيًا كبيرًا.
الجديد كان حاضرًا أيضًا، حيث أدت و هي تعتلي خشبة المسرح أغنيتها “عزّك دائم يا قرطاج“، التي حملت بصمة خاصة وعبّرت فيها عن تقديرها الكبير لتونس وشعبها، وقد لاقت هذه الأغنية تفاعلاً واسعًا من الجمهور، ما يعكس نجاحها وانتشارها السريع.
وعلى مدار أكثر من ساعتين، لم تهدأ الأجواء داخل المسرح. فقدمت نجوى وصلات من الدبكة اللبنانية، وتجوّلت برشاقة على الركح، تُحيّي جمهورها بحرارة وبكلتا يديها، وتشاركهم الغناء والفرح. جمهور قرطاج بدوره لم يبخل بالتفاعل، فشاركها الرقص، وردّد معها كلمات الأغاني، في مشهد يعكس حالة الانسجام الكامل بين الفنانة وجمهورها.
صوتها الجبلي، الذي لطالما ميّزها عن غيرها، ظلّ حاضرًا بقوّته وصفائه، مؤكداً قدرتها الاستثنائية على الحفاظ على الطبقة والقوة في الأداء، رغم تعاقب السنين وتغيّر الأذواق. وهذه السهرة كانت بمثابة إثبات جديد على مكانة نجوى كرم كأحد أعمدة الفن العربي، وقامة من القامات التي ساهمت في تشكيل وجدان الجمهور العربي لعقود.
وفي الندوة الصحفية التي تلت الحفل، كانت نجوى كرم على قدر كبير من الاحترافية والانفتاح. أجابت على أسئلة الصحفيين بصدر رحب، وبأسلوب عقلاني ومدروس، بعيد عن التوتر أو التكلّف، مؤكدة في تصريحاتها أنها متمسكة بالأغنية اللبنانية، وتحرص دومًا على نقل هويتها الفنية إلى كل مسرح تصعد عليه. وقالت في تصريح مؤثر: “الليلة ما كانت مجرّد حفلة، كانت ليلة رح نصنع فيها ذكريات لا بتنتسى.”
نجوى كرم، بتلك السهرة، لم تكتفِ بتقديم عرض فني، بل أحيت ليلة فنية حقيقية ستبقى في الذاكرة طويلاً، سواء لدى من حضرها، أو من تابع أصداءها على وسائل الإعلام ومنصات التواصل. نجحت في أن تجمع بين قوة الأداء، دفء الحضور، ونبل الرسالة، لتضيف نجاحًا جديدًا إلى مسيرتها الغنية، وتبرهن أن الزمن لا يزيدها إلا توهّجًا وتألقًا.
بالمرصاد نيوز أضواء على أهم الأنباء
