بالمرصاد نيوز – صفاقس
بقلم محمد جمال الشرفي
في قلب مدينة صفاقس، وبين أزقتها العتيقة، كانت العادات والتقاليد تنسج خيوطًا من التضامن والفرح، خاصة في موسم إعداد “العُولة” — ذلك المخزون الغذائي الذي كان يُحضّر بعناية ليكفي العائلة طوال العام. لم يكن الأمر مجرد تجهيز للطعام، بل كان طقسًا اجتماعيًا بامتياز، يجمع الكبار والصغار، النساء والرجال، في احتفالية جماعية تنبض بالحياة.
طقوس العُولة: من الحقول إلى الموائد:
يبدأ موسم العُولة عادة في أواخر فصل الربيع وأوائل الصيف، حين تنضج الحبوب وتكون المواد الأساسية متوفرة.
تُحضّر العائلات الكسكسي والمحمص من القمح، إلى جانب تجفيف الفلفل والطماطم وتحضير الهريسة
والتموينات الأخرى.
كانت العملية تتم داخل البيوت أو في ساحات الأجوار، حيث تتعاون الجارات والأقارب بدون مقابل: “اليوم عند عائلة فلان، وغدًا عند عائلة فلتان”.
فرحة اللمة: أكثر من مجرد عمل:
لم يكن إعداد العُولة مجرد عمل منزلي، بل كان مناسبة اجتماعية تُشبه الأعراس الصغيرة.
الأطفال يمرحون، والنساء يتبادلن الوصفات والنصائح، والرجال يساعدون في الطحن والنقل.
تُقام مآدب فطور وعشاء جماعية، فيها كل ما لذ وطاب، من خبز الطابونة إلى المرق الحاروالكسكسي بلحم الضدي و الفطائر الساخنة بالسكر أو العسل، في جو من البهجة والكرم.
تحليل اجتماعي: ماذا فقدنا وماذا يمكن أن نستعيد؟