الرئيسية / سياسة / الفصول الاربعة في السياسة التونسية 1956 – 2026.

الفصول الاربعة في السياسة التونسية 1956 – 2026.

يالمرصاد نيوز – صفاقس

 

بقم محمد جمال الشرفي

 

منذ الاستقلال سنة 1956 إلى حدود 2026، عاشت تونس أربع مراحل سياسية كبرى يمكن وصفها بـ”الفصول الأربعة”: بناء الدولة الوطنية، حكم الحزب الواحد، الانتقال الديمقراطي بعد 2011، ثم مرحلة إعادة تشكيل السلطة بعد 2021. كل فصل حمل رهانات اقتصادية واجتماعية وسياسية مختلفة، لكنه ترك أيضًا تراكمات وأزمات متواصلة.

الفصل الأول: بناء الدولة الوطنية (1956 – 1987)

– سياسيًا:

– إعلان الجمهورية سنة 1957 بقيادة الحبيب بورقيبة.

– تركيز نظام رئاسي قوي وحزب دستوري حاكم أوحد.

– إصلاحات تشريعية كبرى (مجلة الأحوال الشخصية 1956).

– اقتصاديًا:

– بداية التخطيط المركزي ومحاولات التصنيع.

– تجربة التعاضد في الستينات بقيادة أحمد بن صالح، التي فشلت وأدت إلى أزمة اقتصادية.

– اعتماد على الفلاحة التقليدية والموارد المحدودة.

– اجتماعيًا:

– إصلاح التعليم والصحة وتوسيع الخدمات العمومية.

– تحديث المجتمع عبر تحرير المرأة وتوسيع الطبقة الوسطى.

– لكن بقيت الفوارق الجهوية بين الساحل والداخل قائمة.

الفصل الثاني: حكم بن علي (1987 – 2010)

– سياسيًا:

– انقلاب 7 نوفمبر 1987، رفع شعارات “التغيير” والانفتاح.

– في الواقع: نظام سلطوي قائم على الحزب الواحد (التجمع الدستوري الديمقراطي).

– قمع المعارضة وتقييد الحريات.

– اقتصاديًا:

– انفتاح على اقتصاد السوق والخصخصة.

– نمو نسبي في التسعينات بفضل السياحة، التحويلات، والاستثمار الأجنبي.

– لكن تفاقم البطالة، خاصة بين الشباب وخريجي الجامعات.

– فساد مالي واحتكار عائلات نافذة للاقتصاد.

– اجتماعيًا:

– توسع التعليم العالي دون استيعاب سوق الشغل.

– تفاوت اجتماعي وجهوي متزايد.

– استقرار ظاهري يخفي احتقانًا شعبيًا.

الفصل الثالث: الثورة والانتقال الديمقراطي (2011 – 2021)

– سياسيًا:

– ثورة 14 جانفي 2011 وسقوط بن علي.

– كتابة دستور 2014 الذي أرسى نظامًا شبه برلماني.

– تعددية حزبية وانتخابات حرة، لكن مع انقسامات سياسية حادة.

– اقتصاديًا:

– تراجع السياحة والاستثمار بسبب عدم الاستقرار.

– تفاقم المديونية والعجز المالي.

– ضعف الدولة في فرض الإصلاحات الاقتصادية.

– اجتماعيًا:

– حرية التعبير والإعلام.

– صعود المجتمع المدني والنقابات كقوى فاعلة.

– لكن البطالة والفقر استمرا في تغذية الاحتجاجات.

الفصل الرابع: إعادة تشكيل السلطة (2021 – 2026)

– سياسيًا:

– 25 جويلية 2021: تجميد البرلمان وإجراءات استثنائية للرئيس قيس سعيّد.

– دستور 2022 أعاد تركيز السلطة في يد الرئيس.

– مشهد سياسي منقسم بين مؤيدين يعتبرونه “تصحيح مسار” ومعارضين يرونه “عودة للاستبداد”.

– اقتصاديًا:

– أزمة مالية خانقة، تضخم وارتفاع الأسعار.

– مفاوضات متعثرة مع صندوق النقد الدولي.

– محاولات لإصلاح الدعم والجباية وسط رفض اجتماعي.

– اجتماعيًا:

– تراجع الثقة في النخب السياسية.

– احتجاجات متقطعة بسبب الوضع المعيشي.

– هجرة متزايدة للشباب والكفاءات.

الخاتمة

يمكن القول إن السياسة التونسية بين 1956 و2026 تشبه دورة فصول متعاقبة: ربيع بناء الدولة، صيف الحزب الواحد، خريف الثورة والانتقال، وشتاء إعادة تركيز السلطة. لكن هذه الدورة لم تكتمل بعد، إذ يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستدخل تونس فصلًا خامسًا من الاستقرار والتنمية، أم ستظل عالقة في دوامة الأزمات؟

عن Baha

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *