الرئيسية / مجتمع / العادات والتقاليد في صفاقس: العولة والقديد (نظرة تاريخية).

العادات والتقاليد في صفاقس: العولة والقديد (نظرة تاريخية).

 

مكتب صفاقس

 

 

بقلم الأستاذ جمال الشرفي

1. العولة :

العولة هي تقليد عريق يعود إلى مئات السنين في مدينة صفاقس والمناطق المجاورة. هذا التقليد يتعلق بتجميع وتحضير المؤن لفصل الشتاء أو الفترات التي يقل فيها توفر المواد الغذائية. العولة تعد جزءًا من النسيج الاجتماعي والثقافي، وهي مرتبطة بشكل كبير بالاعتماد على الذات والحفاظ على الموارد.

من الناحية التاريخية، كان أهل صفاقس يعتمدون بشكل رئيسي على الزراعة و الصيد ، ولذلك كانت العولة تأخذ شكل تخزين المواد الغذائية مثل الحبوب (كالقمح والشعير)، الزيتون وزيت الزيتون، التين المجفف، والأعشاب الطبية. وتقوم النساء بتحضير العولة بعد انتهاء مواسم الحصاد وجني الثمار، حيث يتم تنظيف المواد الغذائية وتجفيفها أو تمليحها لضمان حفظها لفترات طويلة.

كما ارتبطت العولة بمواسم محددة، مثل نهاية الصيف وبداية الخريف، حيث يتم إعداد المؤن تحسبًا لفصل الشتاء، خاصة في الفترات التي كانت وسائل النقل والتجارة فيها أقل تطورًا من اليوم.

2. القديد :

القديد هو نوع من اللحم المجفف الذي يشكل جزءًا أساسيًا من تقاليد العولة في صفاقس. تاريخيًا، كان اللحم من المواد الثمينة التي لا تتوفر دائمًا، ولذلك لجأ السكان إلى طرق حفظه ليدوم لفترات طويلة، خاصة خلال أشهر الشتاء أو الأعياد والمناسبات الكبرى مثل عيد الأضحى .

يتم تحضير القديد عبر تمليح اللحم ثم تعريضه للشمس ليجف. هذه الطريقة القديمة في حفظ اللحم ليست مقتصرة على صفاقس فحسب، بل تُستخدم في العديد من المناطق الريفية في تونس. ومع ذلك، طوّر أهل صفاقس أساليبهم الخاصة لتحضير القديد، فكانوا يضيفون توابل مميزة مثل الكروية و الكزبرة و الهريسة لتعطي القديد نكهة فريدة.

تقليديًا، كان القديد يعدّ خلال عيد الأضحى حيث يُذبح الخروف وتُقسم أجزاء منه لتحضير هذا اللحم المجفف. وبعد أن يُجفف القديد ويصبح جاهزًا، يتم تخزينه في أماكن باردة لاستخدامه لاحقًا في تحضير الأطباق المحلية مثل الكسكسي و الملثوث وغيرها من الأطباق.

الخاتمة:

العولة والقديد يعكسان التراث الصفاقسي الغني والاعتماد على الذات في تأمين الطعام وتخزينه لفترات طويلة. ورغم تطور أساليب الحياة وتوفر المنتجات الغذائية في أي وقت من السنة اليوم، إلا أن هذين التقليدين لا يزالان يمارسان في العديد من المنازل الصفاقسية، خاصة في الأرياف والمناطق التقليدية، كموروث ثقافي يعكس الأصالة والهوية التونسية.

عن Baha

شاهد أيضاً

رحلة الشتاء والصيف تسلط الضوء على نمط حياة تقليدي قديم في مدينة صفاقس،

مكتب صفاقس متابغة الأشتاذ جمال الشرفي يعكس التكيف مع تغيرات المناخ والفصول. يمكن ترتيب الفكرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *