تدنيس التاريخ أصبح موضة العصر.
						
		
	Baha 
	
		
	يوم واحد مضت	
	سياسة
	
	
75 زيارة 
			
				
					
						
	
					

بالمرصاد نيوز – صفاقس
 

بقلم محمد جمال الشرفي
في زمن تتسارع فيه محاولات إعادة تشكيل الذاكرة الجماعية، يبدو أن تدنيس التاريخ وتدليسه لم يعد مجرد خطأ عابر، بل أصبح موضة العصر، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالتراث الغذائي والثقافي لشعوب شمال إفريقيا.
 
 
 
 
الفطائر البربرية: إرث أمازيغي يُنتزع قسرًا
الفطائر البربرية المقليّة، المعروفة في أوساط الأمازيغ منذ قرون، تُعدّ من أبرز رموز المطبخ التقليدي في شمال إفريقيا، لا سيما في المناطق الجنوبية من تونس. تختلف تسمياتها وأشكالها حسب الجهة: فهناك “الفطيرة المتشطشة” ذات الحواف المتموجة، و”الفطيرة المثقوبة” التي تتوسطها فتحة دائرية، وغيرها من الأشكال التي تعكس تنوعًا ثقافيًا عريقًا.
لكن ما يثير الاستغراب هو محاولة بعض الأوساط الإيطالية، التي تمثل امتدادًا ثقافيًا للرومان، نسب هذه الفطائر إلى تراثهم الغذائي، تحت مسمى “بمبلوني” وهي فطائر مقليّة يُرشّ عليها السكر، في محاولة لتجميلها وتغليفها بطابع أوروبي حديث.
من يكتب التاريخ؟
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يعمد الرومان الجدد إلى تدنيس التاريخ ونسب عناصر من التراث الأمازيغي إلى أنفسهم؟ أهو جهل أم تعمد؟ أم أن الأمر يدخل في إطار إعادة إنتاج سردية استعمارية ثقافية، تُعيد رسم الحدود الحضارية لصالح أوروبا؟
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها، أن الحضارة انتقلت من شمال إفريقيا إلى جنوب أوروبا، وليس العكس. ويكفي أن نذكر أن حنبعل، القائد القرطاجي العظيم، هو من عبر جبال الألب لمحاربة الرومان، حاملاً معه عبق حضارة قرطاجية ضاربة في القدم، لا العكس.
من الفطائر إلى الهوية
ليست الفطائر المقليّة مجرد وجبة، بل هي رمز لهوية، وذاكرة شعب، وتاريخ مقاوم. حين تُنتزع هذه الرموز من سياقها الأصلي وتُعاد تدويرها في قالب أوروبي، فإننا لا نخسر فقط وصفة، بل نخسر جزءًا من ذاكرتنا الجمعية.
إن الدفاع عن هذه التفاصيل الصغيرة هو دفاع عن الحق في السرد، وعن حق الشعوب في أن تُروى قصتها كما هي، لا كما يريد الآخرون أن يسمعوها.