أخبار عاجلة
الرئيسية / جهات و حوادث مرور / أزمة المياه في تونس، تحديات هيكلية تتطلب استراتيجيات مستدامة.

أزمة المياه في تونس، تحديات هيكلية تتطلب استراتيجيات مستدامة.

مكتب صفاقس

بقلم الأستاذ جمال الشرفي

تعتبر قضية المياه في تونس من القضايا الملحة والمعقدة في ظل التغير المناخي والتحديات المتزايدة التي تواجه الموارد الطبيعية في البلاد. ومع تراجع معدلات هطول الأمطار ومواسم الجفاف المتعاقبة، تظل السياسات الحكومية غير قادرة على مواجهة هذا التحدي الهيكلي، الذي يتطلب استراتيجيات مستدامة وشاملة لإدارة المياه، خاصة في ظل غياب الخطط والإجراءات التي كان ينبغي اتخاذها على مدى عقود.

1. عدم وجود البنية التحتية الهيدروليكية

يعد غياب الاستثمار المستدام في تطوير البنية التحتية للمياه من أهم المشاكل التي تواجه تونس. وعلى الرغم من الحاجة المتزايدة لقنوات المياه والسدود الجديدة، لم تطلق الحكومة مشاريع كافية لتلبية الطلب المتزايد. كما تعاني السدود القديمة من نقص كبير في الصيانة، مما يؤدي إلى تسرب المياه وفقدان كميات كبيرة من المياه كان من الممكن استخدامها لتلبية احتياجات المواطنين.

2. إهمال الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه في أمور الصيانة

تعاني الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه (SONEDE) من مشاكل هيكلية مرتبطة بصيانة المنشآت المائية التي أصبحت متهالكة، مما أدى إلى فقدان جزء كبير من المياه في شبكات التوزيع بسبب التسريبات وأعطال المعدات . ويعكس هذا الوضع الأزمة في إدارة الموارد المائية، حيث يفتقر قطاع المياه إلى رقابة صارمة، وهناك في بعض الأحيان عدم انسجام بين مختلف أصحاب المصلحة في التخطيط والرصد.

3. قلة المشاريع الحديثة لترشيد المياه والمحافظة عليها

ولا تزال تونس بحاجة إلى إطلاق مشاريع تهدف إلى ترشيد المياه واستغلالها بطريقة حديثة وفعالة. ورغم بعض المحاولات التي تم تنفيذها في محطات تحلية مياه البحر بالمناطق الساحلية، إلا أن التكاليف المرتفعة لا تزال تشكل عائقاً أمام التوسع في هذه المشاريع. وفضلت الحكومة استثمار الموارد في تحلية مياه البحر بدلا من استغلال المياه الجوفية في الجنوب التونسي، رغم توفرها بكميات كبيرة نسبيا، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول أسباب قلة المعرفة بالموارد المائية المتوفرة داخل البلاد.

4. قضية الفساد واحتكار مياه الشرب

تعتبر قضية الفساد في قطاع المياه من القضايا الحساسة التي تمس هذا القطاع الحيوي. وهناك اتهامات بأن بعض المسؤولين ورجال الأعمال يسعون عمداً إلى تلويث المياه في قنوات التوزيع، بهدف دفع المواطنين إلى استهلاك المياه المعبأة بأسعار مرتفعة، وهو ما يكشف عن تلاعبات واحتكارات تؤدي إلى تفاقم أزمة نقص المياه.

5. التحديات المستقبلية والحلول الممكنة

وأمام هذا الوضع المعقد، تطرح أسئلة حول مستقبل إدارة المياه في تونس وجدية الإصلاحات المخطط لها. وقد يكون من الممكن اعتماد حلول عملية للتخفيف من حدة الأزمة، مثل:

– إصلاح وتطوير البنية التحتية من خلال استثمارات كبيرة في تجديد شبكات التوزيع وصيانة السدود القديمة.

الاستثمار بشكل مدروس في الموارد الجوفية في جنوب البلاد لتقليل الاعتماد على محطات تحلية مياه البحر.

– تشجيع المشاريع الجديدة المتعلقة بتقنيات الحفاظ على المياه، مثل إعادة تدوير مياه الصرف الصحي وتحسين أنظمة الري في الزراعة.

– فرض رقابة صارمة على القطاع لمحاربة الفساد وضمان حصول المواطنين على مياه الشرب بأسعار معقولة.

وهكذا تبقى أزمة المياه في تونس مشكلة خطيرة تتطلب إرادة سياسية صادقة ووعي مجتمعي واسع.

عن Baha

شاهد أيضاً

برقو: تظاهرة”آيام المطالعة و الثقافة الرقمية”.

مكتب سليانة   متابعة الصحفي منصف كريمي في افتتاح الموسم الثقافي وتحت اشراف المندوبية الجهوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *