نجاح محمد علي كاتب مختص في الشؤون الإيرانية الإقليمية
مكتب العراق – موقع جريدة بالمرصاد نيوز
ماقيل عن انزعاج الولايات المتحدة وبريطانيا من إقرار البرلمان العراقي قانوناً يجرم تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ، وترحيب محور المقاومة المستعجل أو المجامل ،والجدل المثار حول موقف رئيس الجمهورية السيد برهم صالح من التوقيع على القانون ، يعيد التذكير مجددًا بوجود ثغرات خطيرة في هذا القانون الذي يؤدي في النهاية الى شرعنة التطبيع مع الكيان الصهيوني اللقيط .
القانون الذي صوت عليه مجلس النواب بالاجماع على عجل تضمن ثغرات عدة خطيرة قال خبراء قانونيون إنهاستنكشف عند تطبيقه بشكل فعلي وستؤكد الأهداف التطبيعية من ورائه
ففي حين أن قانون مناهضة التطبيع المكون من فقرتين فقط لعام 1969 جعل تعزيز العلاقات مع الكيان الصهيوني جريمة يعاقب عليها بالإعدام ، ركزت النسخة الحالية متعددة الصفحات على تجريم أنشطة معينة ، وبعبارات مقتضبة غير واضحة فيها الكثير من الالتباس . في نفس الوقت تضمن القانون الجديد قنبلة خطيرة من شأنها أن تشجع العلاقات الطبيعية مع (الإسرائيليين) ومع“إسرائيل” بذريعة الرحلات الدينية ، مع ملاحظة أن زيارةالقدس الشريف من قبل المراقيين ستكون باشراف وموافقةالكيان الصهيوني الذي بات يسيطر على ادارة الاماكن الدينية في القدس الشريف، وليس بيد الاردنيين كما كان الأمر سابقاً.
تبادل الرحلات الدينية التي سمح بها القانون الجديد ،يتعارض مع رفض التطبيع وتجريمه خصوصا وأن اقليمكوردستان يمكنه تفسير العبارة الفضفاضة التي اشترطت موافقة وزارة الداخلية لصالح التطبيع الجاري على قدم وساق في الاقليم تحت عدد من الواجهات منها واجهةترميم التراث اليهودي في كوردستان.
كما أن موضوع الرحلات الدينية ينسجم ربما عن غير عمد،مع ماتقوم به الامارات العربية المتحدة بشأن تسويق“الديانة الابراهيمية الجديدة “.
من هنا يثير حذف المادة رابعاً– ثانياً و التي تختص بحذف سريان عقوبة السفر الى الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة تحت ذريعة الزيارات الدينية ، تساؤلات عن وجود أيادٍ تعمل في الخفاء على تعبيد الطريق نحو تطبيق مشروع الديانة الابراهيمية الذي ترعاه دول في المنطقة.
فقد جاء في اتفاقية إبراهيم بين الكيان الصهيونيوالامارات مايلي : (شجع البلدان مساعي تعزيز الحوار بينالأديان بقصد ترسيخ ثقافة السلام بين الأديان الثلاثة،والأديان البشرية)، وهذا يعني تعطيل الجهاد حيث قالتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِوَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾.
لم يلتفت القانون لمزدوجي الجنسية من اليهود العراقيينوهم حوالي نصف مليون يمتلكون الجنسية الاسرائيلية،ولم يشر الى معالجة تخصهم ، كما لم يشر الى الدول التيتطبع مع الكيان المؤقت إذ تجاهل القانون نقطة مهمة وهيمستقبل العلاقة بين العراق والدول المطبعة ، سواء البقاء أوقطع العلاقة ، وأيضا في المادة الثانية سرى القانون علىالشركات الخاصة والمؤسسات الأجنبية والمستثمرينالعاملين في العراق، لكنه لم يوضح كيفية التعامل معهم اذاما كانوا موقعين عقود عمل او تعاون طويلة الأمد ولم يحددآلية انهاء العقود أو إيفاء تلك الشركات بالتزاماتها.
لم يحدد القانون الجهة التي تراقب تطبيق القانون وكيفيةتحريك الشكوى ، وطريقة تسجيل البلاغات وصياغتها ضدالمطبعين ، ولم يوضح دور الإدعاء العام في تحريك الشكوى، لأن مثل تلك الجرائم قد تحدث في الخفاء والتكتم ،وبالتالي يحتاج المُبلِّغ أو المشتكي إلى حصانة وإبعاده عنالمساءلة أو الملاحقة، وتلك جزئية مهمة جداً.
اعتمد القانون وفي المادة الرابعة منه ، فقرة الشمولية ولميحدد الأشياء التي يشملها القانون والتي تحدد (السفر،والعلاقات أو الترويج للأفكار وآيدولوجيات وسلوكياتالترويج للتطبيع مع الكيان الصهيوني)، لكنه اكد علىالمادة 281 من قانون العقوبات والتي تنص على تنفيذعقوبة الإعدام كما لم يكشف عن الاثر الرجعي في ذلك.
القانون لم يشر الى الرجوع للمواد 81,80 ,82 بالنسبةللمؤسسات اي مساءلة المؤسسة بما فيها الإعلامية إلىجانب انه لم يحدد العقوبة جراء الخيانة العظمى للموظفيندون الدرجات الخاصة ومن المفترض أن تسري العقوباتتلك على كل من يتورط او يدان بجرائم الخيانة العظميكونها تتعلق بالسلوك الوطني ولا تقتصر على الرئاساتأو الوزراء وأصحاب المناصب الخاصة.
عموماً فإن أي اتخاذ خطوة تعزز من رفض مشاريع التطبيعالقائمة في المنطقة ، عمل مرحب به ، لكن ما لا يعرفهالكثيرون أو يتجاهلونه هو أن العراق رسميا في حالة حربمع الكيان الصهيوني اللقيط منذ 1948. بخلاف دولعربية أخرى كمصر والأردن ولبنان دخلت هذه الحربووقعت اتفاقيات تسوية أو هدنة، لم يفعل العراق ذلك لأنقواته انسحبت من مواقع تمركزها في جنين قبل توقيع هذهالاتفاقيات. يحتاج الطرفان، العراق والكيان المؤقت ، أولا أنينهيا الحرب بينهما وعقد اتفاقية “سلام” قبل الحديث عنأي تطبيع يروج له أطراف بارزون في التحالف الثلاثي.
تجدر الاشارة فقط الى أنه وبعد يوم واحد فقط من مصادقةمجلس النواب على قانون تجريم التطبيع، صدرتتصريحات لافتة من نائب سابق مقيم في أربيل، زاراسرائيل كثيراً، وكرر دعوته لعقد ما سماها اتفاقية سلاممعها. وبعد أن نشر القانون في الجريدة الرسمية قال رئيسالوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف الوطنية “فشلنا في رميإسرائيل بالبحر.. التطبيع مع إسرائيل أصبح ضرورة” واصفاً قبل ذلك ما أسماها عملية السلام مع إسرائيلبالمهمة والأساسية.
وطبعاً، هذا جزء من شرعنة التطبيع.
نجاح محمد علي كاتب متخصص في الشؤون الايرانيةوالاقليمية
للمتابعة على تويتر @najahmalii