المياه الطبيعية والمياه الطبية في تونس.
Baha
ديسمبر 1, 2024
جهات و حوادث مرور
54 زيارة
مكتب صفاقس
بقلم الأستاذ جمال الشرفي
1. التاريخ والمحطات التاريخية
لعبت المياه الطبيعية دورًا محوريًا في الحضارة التونسية منذ العصور القديمة. فقد شيد الرومان شبكات متقدمة لنقل المياه، مثل القنوات الرومانية التي امتدت بين زغوان وقرطاج، حيث تم توفير المياه للحمامات العامة والخاصة. تُظهر هذه الآثار استغلال الرومان للينابيع الطبيعية الحارة والباردة، سواء لأغراض الاستهلاك أو الاستشفاء.
خلال الفترة الإسلامية، تطورت تقنيات تخزين المياه وحصادها، مثل الأحواض والفسقيات، ومنها فسقية الأغالبة بالقيروان. مع الاحتلال الفرنسي، ازداد الاهتمام باستغلال الموارد المائية لأغراض صناعية وتجارية. تأسست أولى شركات تعليب المياه خلال القرن العشرين، لتصبح تونس واحدة من الدول الرائدة في المنطقة في هذا المجال.
2. الاستغلال والاستراتيجية
تتبنى تونس استراتيجية متوازنة لاستغلال مواردها المائية الطبيعية والطبية. تشمل هذه الاستراتيجية الحفاظ على الموارد المائية وتجديدها، عبر إدارة مياه الأمطار، السدود، وإعادة استخدام المياه المعالجة. تعد الينابيع الطبيعية، مثل تلك الموجودة في مناطق الشمال الغربي والجنوب، مصدراً رئيسياً للمياه العذبة.
فيما يتعلق بالمياه الطبية، هناك اهتمام خاص بالينابيع الحارة الغنية بالمعادن، مثل حمام بورقيبة، وحمام بنت الجديدي، حيث تُستغل هذه الينابيع في السياحة العلاجية.
3. التعليب والتداوي
تُعتبر تونس مركزًا ناشطًا لتعليب المياه المعدنية، إذ تُنتج العديد من العلامات التجارية، مثل “صافية” و”دليس مياه”. يتم استخراج المياه من ينابيع طبيعية أو من آبار عميقة، ثم معالجتها وتعليبها لتلبية الطلب المحلي والدولي.
أما التداوي بالمياه، أو ما يُعرف بـ”العلاج بالمياه المعدنية” (Hydrotherapy)، فيُعد رافدًا هامًا للسياحة العلاجية. تجذب تونس سنويًا آلاف السياح الراغبين في الاستفادة من الخصائص العلاجية لمياهها، خاصةً لعلاج الأمراض الجلدية، وآلام المفاصل، والضغط النفسي.
4. الأهمية الاقتصادية للمياه في تونس
تمثل المياه العذبة والطبية قطاعًا استراتيجيًا للاقتصاد التونسي. من جهة، تسهم صناعة تعليب المياه في تعزيز الصادرات التونسية وتوفير العملة الصعبة. ومن جهة أخرى، يُعزز قطاع السياحة العلاجية، المرتبط بالمياه الطبية، الإيرادات السياحية ويوفر فرص عمل للآلاف.
علاوة على ذلك، تُعتبر المياه الطبيعية عنصرًا حيويًا في القطاع الزراعي، حيث تدعم إنتاج المحاصيل وتربية الماشية، مما يعزز الأمن الغذائي في البلاد.
الخلاصة
تشكل المياه الطبيعية والطبية في تونس موردًا استراتيجيًا لا يقتصر على تلبية الاحتياجات الأساسية، بل يتجاوز ذلك لدعم قطاعات اقتصادية متنوعة مثل الزراعة، الصناعة، والسياحة. ومع التحديات البيئية المتزايدة، تظل الحاجة ملحة لتعزيز سياسات الاستدامة وحماية هذا المورد الحيوي لضمان استمرارية مساهمته في التنمية الشاملة.