الرئيسية / جهات و حوادث مرور / حرب الحاجوجة في صفاقس.

حرب الحاجوجة في صفاقس.

مكتب صفاقس

 

بقلم الإعلامي جمال الشرفي

ما يُعرف أيضًا بـ معركة صفاقس ضد النورمان، تُعدّ واحدة من الأحداث البارزة في التاريخ التونسي خلال القرن الثاني عشر. هذه الحرب جرت في سياق التوسع النورماني في البحر الأبيض المتوسط، حيث كان النورمان يحاولون توسيع نفوذهم في شمال إفريقيا بعد أن سيطروا على صقلية وجنوب إيطاليا.

الخلفية التاريخية:

– النورمان: كانوا شعوبًا أوروبية تنحدر من أصل جرماني-إسكندنافي، واستطاعوا تأسيس مملكة قوية في صقلية وجنوب إيطاليا. في ظل حكم الملك روجر الثاني، بدأ النورمان حملات عسكرية باتجاه شمال إفريقيا بهدف السيطرة على الموانئ الاستراتيجية وتعزيز نفوذهم التجاري والعسكري.

– صفاقس: في ذلك الوقت، كانت مدينة صفاقس واحدة من المراكز الحضرية المزدهرة في إفريقية (تونس اليوم)، تتمتع بموقع استراتيجي على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتشتهر بتحصيناتها القوية ونشاطها التجاري.

بداية الغزو النورماني:

في عام 1148م، شنّ النورمان حملة عسكرية على الساحل التونسي، ونجحوا في احتلال عدد من المدن الساحلية مثل المهدية، التي أصبحت قاعدة انطلاق لهم. بعد ذلك، توجهوا نحو صفاقس، التي كانت آنذاك مستعدة للدفاع عن نفسها بفضل روحها المقاومة.

معركة الحاجوجة:

1. القوات النورمانية:

– جاءت بقيادة أمير نورماني، وكان أسطولهم يضم سفنًا حربية متطورة مقارنة بالسفن المحلية.

– استخدموا تقنيات الحصار والهجوم البحري لفرض السيطرة على المدينة.

2. مقاومة الصفاقسية:

– سكان صفاقس أظهروا مقاومة شرسة بقيادة محلية تركزت على الدفاع عن المدينة.

– استخدم الأهالي استراتيجيات غير تقليدية، منها رمي الحجارة والمقالي الزيتية المغلية من فوق الأسوار، وهو ما يُعرف بـ”الحاجوجة” (ومن هنا أتى اسم الحرب).

– التعاون بين الحامية العسكرية والسكان المدنيين كان عاملًا حاسمًا في الدفاع عن المدينة.

3. نتيجة المعركة:

– رغم التفوق العسكري للنورمان، تكبّدوا خسائر كبيرة أمام مقاومة الصفاقسيين، مما أجبرهم على الانسحاب.

– كانت المعركة رمزًا للقدرة على مقاومة الغزاة باستخدام الموارد المحلية والتضامن الاجتماعي.

العوامل التي ساهمت في الانتصار:

– التحصينات القوية: لعبت أسوار صفاقس دورًا محوريًا في إبطاء تقدم النورمان.

– الروح المعنوية العالية: توحدت القبائل والسكان في صفاقس للدفاع عن مدينتهم.

– الأساليب الحربية البديلة: مثل استخدام الزيوت المغلية والحجارة التي سببت أضرارًا كبيرة للقوات النورمانية.

الأثر التاريخي:

– مثل هذا الانتصار دفعة معنوية كبيرة للسكان المحليين وشعوب شمال إفريقيا بشكل عام.

– أكدت المعركة أهمية الوحدة والتكاتف في وجه القوى الغازية، وساهمت في تعزيز صورة صفاقس كرمز للصمود.

– الحملة النورمانية على شمال إفريقيا انتهت بعد فترة وجيزة، ولم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم التوسعية بسبب المقاومة القوية التي واجهوها.

الخلاصة:

حرب الحاجوجة هي نموذج على مقاومة الغزو الأجنبي في سياق تاريخي معقد. هذه المعركة تظهر كيف يمكن للإرادة الجماعية والتضامن المحلي أن يُحدثا فرقًا كبيرًا في مواجهة قوى أكبر عتادًا وتنظيمًا.

عن Baha

شاهد أيضاً

شواطئ صفاقس والزمن الجميل.

مدينة صفاقس بقلم الأستاذ جمال الشرفي في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، كانت مدينة صفاقس تتمتع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *