الرئيسية / نجوم وفنون / • المرأة في المسرح التونسي: “ليلة الشك” نموذجًا.

• المرأة في المسرح التونسي: “ليلة الشك” نموذجًا.

مجموعة من المكرمين

مكتب فوشانة

تقرير الصحفي بدرالدين الجبنياني

تحقيق وكاميرا : صحفية الموقع شيماء اسماعيلي

تعد مسرحية “ليلة الشك” نصًا مميزًا يحمل في طياته قضايا معاصرة تهم المرأة في المجتمعات العربية، وخاصة في تونس. النص من تأليف نور السعيدي، وأخرجه السحبي عمر، حيث تجسد أروى شخصية هند، وهي امرأة تعيش صراعًا داخليًا يهدد حياتها العاطفية والاجتماعية في ليلة زفافها.

الشك والحيرة: معركة داخلية لبطلة المسرحية

تستعرض المسرحية لحظات حاسمة في حياة هند، التي تجد نفسها محاصرة بين خيارين متناقضين: أن تلتزم بتوقعات المجتمع وتُكمل زواجها، أو أن تتحرر من هذا العبء وتخضع لرغباتها الشخصية. في تلك اللحظات العصيبة، تنزوي هند في غرفتها، وتغلق الأبواب والنوافذ لتظل بمفردها مع ماضيها الذي يحمل الكثير من الجراح. هذا الصراع الداخلي يعكس معاناة الكثير من النساء في المجتمعات التقليدية التي تشدهن إلى قوانين وأعراف تفرض عليهن تقبل الزواج لأسباب اجتماعية أكثر منها عاطفية.

الممثلة أروى بن اسماعيل

المرأة في المجتمع التونسي: بين القبول والإكراه

“ليلة الشك” تُلقي الضوء على التحديات التي تواجه المرأة في مجتمع ذكوري قمعي، حيث تَظهر المرأة غالبًا في دور تابع، لا تتحكم في اختياراتها، بل تجد نفسها تحت ضغوط الأسرة والمجتمع. هند، التي نشأت في بيئة لا تُقدّر المرأة ولا تَمنحها الاهتمام الذي يُعطى للرجل، تحولت إلى شخصية ضعيفة، غير قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية بمفردها. في تلك الليلة، تصبح معركتها ليست فقط مع محسن، زوجها المنتظر، بل مع نفسها ومع المجتمع الذي يدفعها إلى تكرار ذات الدور الذي تعيشه الكثير من النساء.

الشخصيات المتعددة: أروى والتأثير الكبير

أروى، التي لعبت دور هند، أبدعت في تقديم شخصيات متعددة داخل نفس السياق. من خلال تنقلاتها بين مختلف الأدوار، استطاعت أن تقنع الجمهور بكل شخصية على حدة، وهو ما يعكس قدرة أروى على نقل أبعاد الصراع النفسي والاجتماعي الذي تعيشه هند. وتسلط الضوء على المعاناة اليومية للنساء في مجتمعاتهن، حيث يجدن أنفسهن غالبًا ضحايا للتوقعات المجتمعية.

الصراع الداخلي: بين الرغبة الذاتية وفرض الإرادة

في المسرحية، نجد هند تتصارع مع نفسها؛ إما أن تحقق رغباتها الذاتية وتفوز بقرارها، أو تخضع لرغبات أهلها وتكبت مشاعرها. هي لحظات شديدة التعقيد، تستعرض حالة من التردد، والشك، والبحث المستمر عن هوية وتحديد الأهداف الشخصية. كما تطرقت المسرحية إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا، وكيف يمكن أن تؤثر في قراراتنا وعلاقاتنا، حيث تصبح هذه الوسائل في بعض الأحيان عائقًا كبيرًا في بناء علاقات حقيقية ومستدامة.

القضايا الاجتماعية: الزواج وأبعاده في العصر الحديث

المسرحية تناولت بشكل مثير قضية الزواج، حيث أظهرت كيف أن بعض النساء يقبلن الزواج فقط لإرضاء المجتمع وتجنب النظرة الشفقة من المحيطين. كما تناولت المسرحية نوعية الأزواج الذين قد يسببون مشكلات كبيرة في الحياة الزوجية، مثل الزوج البخيل، العنيف، أو المتزمت بشكل مفرط. وتطرقت بشكل ساخر إلى التوقعات المثالية التي يضعها بعض الأزواج في الزواج، حيث كان محسن ينتظر من هند أن تبكي في ليلة الزفاف ليعبر عن حبها له، وهو أمر يعكس الجوانب السطحية التي تتعامل بها بعض المجتمعات مع العلاقات.

الاختلاف بين الأجيال: من الحشمة إلى الاستقلالية

أحد المواضيع الهامة التي تم التطرق إليها في المسرحية هو الاختلاف بين الأجيال، حيث تبرز العلاقة بين الرجل والمرأة في الأجيال السابقة التي كانت قائمة على الاحترام والحشمة. في تلك الحقبة، كان الزواج يتم تحت تأثير العادات والتقاليد، وكان الرجل يتمتع بمكانة اجتماعية عالية، فيما كانت المرأة لا تلتقي بزوجها إلا ليلة الدخلة، في إشارة إلى الانغلاق الاجتماعي الذي كان يطبع المجتمع آنذاك.

أم هند: الخوف من المسؤولية وحب التملك

وفي مشهد مؤثر، تدخل أم هند لتكون بمثابة مرشد معنوي لابنتها، متحدثة عن مخاوفها من الزواج والمستقبل المجهول. تلك العلاقة بين الأم والابنة تبرز دور الأمهات في الحياة الزوجية لأبنائهن، ودورهن في التأثير على قراراتهن.

الوسائل الاجتماعية ومشاكل الحياة اليومية

المسرحية أيضًا تتعرض لأثر وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا اليومية، وكيف أصبحت جزءًا من صراعاتنا الخاصة والعامة. هناك مشهد يتناول علاقة هند بمحسن، حيث يظهر التأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي في مسألة التعبير عن الحب، مثلما حدث عندما شعر محسن أنه غير قادر على أن يظهر مشاعره بالطريقة التقليدية التي كانت تتوقعها هند.

الختام: محسن يبكي وينال ما أراد

وفي نهاية المسرحية، يظهر محسن وهو يبكي، ليحصل على ما أراده من هند، في إشارة إلى صراع الضعف والتسليم الذي تعيشه بعض الشخصيات في المجتمع، وتلخص المسرحية في النهاية معاناة الإنسان في البحث عن الذات في عالم مليء بالضغوطات والقيود.

خاتمة: حكاية تتكرر في مجتمعنا

مسرحية “ليلة الشك” تقدم دراسة اجتماعية معمقة، تبرز التحديات التي تواجه النساء في المجتمع التونسي والعربي بشكل عام. من خلال تسليط الضوء على التناقضات بين التقاليد والمجتمع المعاصر، تحاول المسرحية إعادة التفكير في العلاقة بين الرجل والمرأة في العصر الحديث، وتأثير الأعراف الاجتماعية في بناء العلاقات الشخصية.

و تجدر الإشارة إلى أن مسرحية “ليلة الشك” تستحق المزيد من الدعم والاهتمام من قبل الجهات المعنية، إذ إنها تحمل قضايا واقعية تلامس المجتمع بشكل عميق. كما أن مزجها بين أسلوب المونودراما والكوميديا يجعلها تجربة مسرحية فريدة ومميزة. من الأهمية بمكان أن يتم برمجتها في المهرجانات المسرحية المختلفة لتصل إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور، وتساهم في إثراء المشهد الثقافي.

 

 

عن Baha

شاهد أيضاً

ندوة صحفية حول معرض تونس الدولي للكتاب.

المكلفة بالتنسيق مع الصحفيين : الصحفية سامية الزواغي مكتب تونس زميلاتي، زملائي الصحفيين، تتشرف الهيئة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *