الرئيسية / مجتمع / الإعلام الرمضاني بين الانحراف والتحديات. أزمة أخلاقية أم فراغ إعلامي؟.

الإعلام الرمضاني بين الانحراف والتحديات. أزمة أخلاقية أم فراغ إعلامي؟.

مكتب صفاقس

 

 

بقلم محمد جمال الشرفي

رمضان، الشهر الذي يفترض أن يكون موسماً للروحانية والتأمل والتقرب إلى الله، تحول في السنوات الأخيرة إلى ساحة للفوضى الإعلامية، حيث تهيمن البرامج التافهة والمسلسلات التي لا تمتّ بصلة إلى القيم الأخلاقية والاجتماعية، بل تغرق في مستنقع الانحطاط. فما أسباب هذا التراجع؟ ومن المسؤول عنه؟ وما الحلول الممكنة؟

تدهور الإنتاج السمعي البصري: أزمة إبداع أم أزمة تمويل؟

شهد الإنتاج السمعي البصري في رمضان تراجعاً ملحوظاً، سواء من حيث الجودة الفنية أو المحتوى، حيث بات التركيز منصبًّا على برامج تهريجية وسطحية لا تحمل أي قيمة ثقافية أو فكرية. هذا الانحدار يعود إلى عدة أسباب، من بينها:

– ضعف التمويل: العديد من القنوات تلجأ إلى إنتاج برامج تجارية سريعة الربح، دون مراعاة القيم والمعايير الأخلاقية.

– غياب الرؤية الثقافية: عدم وجود استراتيجيات واضحة لصناعة محتوى إعلامي هادف يجعل المشهد السمعي البصري خاضعاً لقواعد السوق التجارية البحتة.

– تأثير وسائل التواصل الاجتماعي: حيث أصبح المحتوى الترفيهي السطحي هو المطلب الأول للجمهور، مما دفع المنتجين إلى تلبية هذه الرغبات على حساب الجودة.

برامج التهريج والانحطاط الأخلاقي: انعكاس للواقع؟

أصبحت البرامج التلفزيونية الرمضانية تسوّق لمفاهيم غريبة عن المجتمع، حيث نرى برامج الكاميرا الخفية التي تتعمد إذلال الضيوف وإهانتهم، ومسلسلات تركّز على المخدرات، والصراع مع السلطة، والانحراف الأخلاقي، وكأن المجتمع لا يحمل سوى هذه الصورة السلبية. فهل يعكس هذا المحتوى الواقع حقاً، أم أنه مجرد استغلال لغرائز الجمهور من أجل تحقيق نسب مشاهدة عالية؟

دور السلطة: غياب الرقابة أم تواطؤ؟

من المفارقات أن هذه الظواهر السلبية تمرّ أمام أعين الجهات المعنية دون أي تدخل، وكأن هناك قبولا ضمنيا بهذا الانحدار. فهل يرجع هذا إلى غياب الرقابة الفعالة أم إلى ضعف الإرادة السياسية في إصلاح القطاع الإعلامي؟

الحلول: كيف ننهض بالإعلام الرمضاني؟

أمام هذا الواقع المؤسف، لا بد من البحث عن حلول جذرية تعيد للإعلام دوره التوعوي والثقافي، ومن أبرز هذه الحلول:

– إعادة هيكلة القطاع الإعلامي عبر وضع سياسات تمويل تدعم الإنتاجات الهادفة.

– تشجيع الإبداع المحلي والاستثمار في أعمال تعكس القيم الأخلاقية والاجتماعية الحقيقية.

– فرض رقابة ذكية لا تحدّ من حرية التعبير، ولكنها تمنع الانحرافات التي تسيء إلى الذوق العام.

– تحفيز الجمهور على دعم المحتوى الجيد من خلال حملات توعوية تشجع على متابعة الإنتاجات الهادفة بدلاً من البرامج التافهة.

خاتمة

ما نشهده اليوم في الإعلام الرمضاني ليس مجرد “موجة عابرة”، بل هو أزمة حقيقية تحتاج إلى معالجة جذرية. رمضان هو شهر القيم، وينبغي أن يكون إعلامه مرآةً تعكس هذه القيم، لا أن يكون أداة لنشر التفاهة والانحلال. فهل يمكننا استعادة الإعلام الهادف، أم أننا سنبقى أسرى هذا الانحدار؟

 

 

 

عن Baha

شاهد أيضاً

الهجرة غير الشرعية في إفريقيا. الأسباب والتداعيات والحلول.

مكتب صفاقس   بقلم الأستاذ محمد جمال الشرفي الهجرة غير الشرعية بين الجنوب والشمال، وخاصة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *