الرئيسية / جهات و حوادث مرور / تحليل شامل لديوان الزيت التونسي: الأدوار، التحديات، والتوجهات المستقبلية.

تحليل شامل لديوان الزيت التونسي: الأدوار، التحديات، والتوجهات المستقبلية.

مكتب صفاقس

بقلم الأستاذ جمال الشرفي

ديوان الزيت التونسي، الذي تأسس بهدف دعم وتنظيم إنتاج وتسويق زيت الزيتون التونسي، لعب دورًا حيويًا في الاقتصاد التونسي لعدة عقود. سننظر في الجوانب الاقتصادية والمالية المرتبطة بنشاط الديوان وأسباب التراجع في دوره وترك المجال للقطاع الخاص منذ عهد الرئيس زين العابدين بن علي، كما سنناقش ما إذا كان الديوان قد نجح في تحقيق أهدافه أم تحول إلى “رزق البيليك” كما يُقال.

1. النشأة والدور الاقتصادي:
– التأسيس والأهداف: تم إنشاء ديوان الزيت كآلية لدعم الاقتصاد الزراعي التونسي، حيث كان قطاع زيت الزيتون يعتبر رافعة اقتصادية أساسية، كما كان الديوان مكلفًا بتنظيم الإنتاج والتخزين والتسويق، مع تركيز خاص على التصدير لتعزيز إيرادات الدولة من العملة الصعبة.
– المهام الاقتصادية: شملت مهام الديوان تقديم الدعم المالي والتقني للمزارعين، وضمان استقرار الأسعار المحلية والعالمية، مما كان يساهم في حماية الاقتصاد الوطني من تقلبات الأسواق العالمية.
2. الجدوى المالية والاقتصادية:
– التقارير المالية: على الرغم من الدور الحيوي لديوان الزيت، كانت هناك تقارير مالية تشير إلى مشكلات هيكلية مثل ارتفاع التكاليف الإدارية، وعدم كفاءة التسيير الذي أدى إلى زيادة الأعباء المالية على الدولة.
– التسويق والتصدير: في فترة الثمانينيات والتسعينيات، كان هناك تطور في الطلب العالمي على زيت الزيتون، ولم يتمكن الديوان من تلبية هذا الطلب بشكل كافٍ بسبب قلة الكفاءة وضعف الإمكانيات التسويقية. وأدى هذا الضعف إلى تقليص تنافسية زيت الزيتون التونسي أمام الزيوت الأخرى في السوق العالمية.
3. أسباب تراجع دور ديوان الزيت:
– التوجه نحو الخصخصة: في عهد بن علي، تم تشجيع تحرير السوق، وبدأت الدولة تدريجيًا في التخلي عن أدوار بعض المؤسسات العامة لتفسح المجال أمام القطاع الخاص. كان الهدف تحسين كفاءة القطاع الزراعي وزيادة جاذبية الاستثمار الخاص، وقد رأت الحكومة أن ديوان الزيت عائق أمام هذه الأهداف.
– الفساد الإداري والبيروقراطية: واجه الديوان عدة مشكلات في إدارة أصوله وموارده بشكل فعال، وهناك تقارير تشير إلى حالات فساد وعدم كفاءة، مما أدى إلى إضعاف الثقة في دوره وقدرته على تسيير القطاع بفعالية.
4. الاستنتاجات والمصير النهائي للديوان:
– رزق البيليك؟: أدى ضعف الرقابة، ووجود الفساد، والبيروقراطية، إلى أن يصبح الديوان عبئًا على الدولة بدلًا من أن يكون داعمًا للاقتصاد، مما جعله فعليًا أشبه بـ”رزق البيليك”. هذا التحول في صورة الديوان أسهم في اتخاذ قرار تقليص دوره بشكل كبير وفتح المجال أمام القطاع الخاص.
– حاجة مستمرة للإصلاح: يُعد قطاع زيت الزيتون حيويًا في تونس، وهناك حاجة لإطار مؤسساتي يدعمه بشكل مستدام مع رقابة محكمة تضمن حماية حقوق المزارعين وضمان الجودة التونسية عالميًا، لكن يجب أن تتسم المؤسسة بالشفافية والفعالية لتجنب مصير ديوان الزيت السابق.
5. البدائل الحالية والتوجهات المستقبلية:
– نحو تكامل بين القطاعين العام والخاص: لتحقيق الاستفادة المثلى من الموارد الزراعية يجب تشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص، من خلال أطر أكثر مرونة واستقلالية في إدارة الإنتاج والتصدير.
– الاستثمار في التسويق الدولي: لتعزيز مكانة زيت الزيتون التونسي عالميًا، يجب التركيز على بناء العلامة التجارية لزيت الزيتون التونسي والاستثمار في الجودة والترويج.

في الختام، يمكن القول إن تجربة ديوان الزيت كانت مليئة بالتحديات والعقبات، وكان يمكن أن تكون أكثر جدوى لو ترافقت مع إصلاحات إدارية واقتصادية تدعم استدامة دوره، ومع ذلك فقد تركت الدروس المستفادة منه أثرًا مهمًا حول ضرورة تطوير آليات دعم الزراعة في تونس بشكل أكثر شمولية وكفاءة.

عن Baha

شاهد أيضاً

المياه الطبيعية والمياه الطبية في تونس.

مكتب صفاقس بقلم الأستاذ جمال الشرفي 1. التاريخ والمحطات التاريخية لعبت المياه الطبيعية دورًا محوريًا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *