قطاع الثقافة في تونس 2025 أزمة مستمرة أم فرصة للنهوض؟
Baha
مارس 16, 2025
نجوم و فنون
82 زيارة


مكتب صفاقس

بقلم الأستاذ محمد جمال الشرفي
يشهد قطاع الثقافة في تونس سنة 2025 تحديات متزايدة تتراوح بين نقص الإنتاج الثقافي والدرامي، شح الموارد المالية، والتهميش السياسي، مما يضع مستقبل الإبداع التونسي على المحك. وفي ظل غياب استراتيجية واضحة للنهوض بهذا القطاع، يتساءل الفاعلون الثقافيون عن مصير الفنون والدراما والمسرح في البلاد.
الإنتاج الثقافي والفني والدرامي في تونس 2025
رغم أن تونس تمتلك تاريخًا ثقافيًا غنيًا، إلا أن الإنتاج الدرامي والفني في السنوات الأخيرة شهد تراجعًا ملحوظًا. عدد الأعمال الدرامية المنتجة محليًا أصبح محدودًا مقارنة بالعقود السابقة، حيث يواجه القطاع تحديات عديدة، من بينها ضعف التمويل وغياب الرؤية الواضحة لدعم الفن كجزء من الهوية الوطنية.
أسباب نقص الإنتاج الثقافي والدرامي
يرجع هذا النقص إلى عدة عوامل، أبرزها:
1. شح التمويل: حيث تعاني شركات الإنتاج من صعوبات مالية تجعلها غير قادرة على إنتاج أعمال ذات جودة عالية.
2. غياب سياسات دعم واضحة: حيث لا توجد استراتيجية واضحة من قبل الدولة لدعم المنتجين والفنانين.
3. الرقابة والتضييق: فالعديد من الأعمال تواجه عراقيل رقابية تعيق حرية الإبداع والتعبير الفني.
أسباب نقص الموارد المالية في هذا القطاع
يعد القطاع الثقافي من بين القطاعات التي تعاني من ضعف الميزانيات المخصصة، حيث يتم تخصيص نسبة ضئيلة من الميزانية العامة للثقافة مقارنة بقطاعات أخرى. ومن أبرز الأسباب:
– ضعف الاستثمار الخاص في الثقافة نظرًا لغياب الحوافز والتسهيلات.
– تراجع الدعم الحكومي المباشر للمشاريع الثقافية.

– هيمنة الإنتاج المستورد على السوق المحلي مما يضعف فرص الإنتاج المحلي.
التهميش السياسي الممنهج
يواجه القطاع الثقافي في تونس تهميشًا سياسيًا واضحًا يتمثل في غياب الإرادة السياسية الحقيقية لدعمه. حيث تعتبر الثقافة أحيانًا قطاعًا غير ذي أولوية في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد.
القوانين المكبلة للقطاع
يعاني المبدعون في تونس من منظومة قانونية تحد من حرية الإبداع والتعبير. ومن بين أبرز العوائق:
– القيود البيروقراطية على الترخيص للمشاريع الثقافية.
– ضعف القوانين المحفزة للاستثمار في القطاع.
– الرقابة المشددة التي تؤثر على حرية الإبداع.
النقص في البنية التحتية الثقافية
تشهد البنية التحتية الثقافية نقصًا حادًا، حيث تعاني المسارح ودور العرض من الإهمال، وتقلص عدد الفضاءات الثقافية الخاصة بسبب غياب الدعم الحكومي والرسوم المرتفعة المفروضة عليها.
الحرية المسمومة والتشفي في القطاع
يشتكي العديد من الفنانين والمثقفين من “الحرية المسمومة”، حيث يُمنح هامش من الحرية للتعبير، لكنه يقابل بحملات تضييق وتشويه وتشفي عند طرح مواضيع حساسة أو مخالفة للرأي السائد، مما يخلق مناخًا غير آمن للإبداع.
غياب الاستراتيجية للنهوض بالقطاع
رغم إدراك أهمية الثقافة في بناء المجتمع، لا توجد استراتيجية واضحة للنهوض بهذا القطاع. غياب رؤية طويلة المدى يجعل من الصعب تطوير الإنتاج الثقافي، مما ينعكس سلبًا على الفاعلين الثقافيين والفنيين.
“أعطني مسرحًا، أعطِك شعبًا مثقفًا”
يرجع هذا القول إلى الكاتب والمسرحي الفرنسي فيكتور هوغو، الذي أكد على أهمية المسرح في بناء وعي الشعوب وتطوير فكرها النقدي. وهو ما يعكس أهمية النهوض بالمسرح والفنون كجزء من المشروع الثقافي الوطني في تونس.
خاتمة
إن النهوض بقطاع الثقافة في تونس يتطلب إرادة سياسية حقيقية، استثمارات مستدامة، وتطوير القوانين والبنية التحتية الداعمة. فالثقافة ليست مجرد ترف، بل هي ركيزة أساسية لبناء مجتمع واعٍ، قادر على مواجهة التحديات المختلفة. فهل نشهد في السنوات القادمة تحركًا جادًا نحو إنقاذ هذا القطاع، أم أن التهميش سيظل سيد الموقف؟