مكتب صفاقس
بقلم محمد جمال الشرفي
مع اقتراب عيد الأضحى، يتجدد الجدل في تونس حول مسألة الأضاحي وأسعارها المرتفعة، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة أثقلت كاهل المواطن التونسي. ومع أن هذا العيد يُعد من أبرز الطقوس الدينية والاجتماعية، إلا أنه بات عبئًا ثقيلاً على عديد العائلات التي تجد صعوبة في اقتناء الأضحية. من بين العادات الراسخة في الثقافة التونسية، شراء الأضاحي، الذي يعتبره التونسيون الأفضل من حيث الطعم والجودة. غير أن هذه السنة، اختارت الدولة التونسية استيراد كميات من الأكباش من رومانيا كالعادة ، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، خاصة وسط أوساط الفلاحين والخبراء في الاقتصاد الفلاحي. استيراد اللحوم: خيار اقتصادي أم ضرب للفلاحة المحلية؟ قرارالحكومة بتوريد الأكباش كحل لتخفيض الأسعار، وضمان وفرة الأضاحي بأسعار معقولة، خاصة في ظل ارتفاع تكلفة الأعلاف وتراجع القدرة الشرائية. لكن، في المقابل، يرى كثيرون أن هذا الإجراء لا يُعالج أصل المشكلة، بل يزيدها تعقيدًا. فتفضيل دعم الفلاح الروماني عوضًا عن دعم الفلاح التونسي هو، في جوهره، سياسة قصيرة النظر، تقوض الاكتفاء الذاتي، وتهدد مستقبل القطيع الوطني، وتُضعف مناعة الاقتصاد الفلاحي المحلي. الثورة التي لم تُنجز أهدافها بعد يتساءل كثير من التونسيين اليوم، وبمرارة: هل لهذا قمنا بثورة؟ ألم تكن من مطالب الثورة تحقيق السيادة الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية، ودعم الإنتاج المحلي؟ لماذا لا تُستثمر الأموال العمومية في دعم الفلاح التونسي بدل توريد لحوم خارجية؟ ألا يُمكن للدولة أن تشتري من الفلاح المحلي مباشرة، وتعيد توزيع الأضاحي بأسعار مدعّمة؟ أين الاستراتيجية الوطنية للحفاظ على الثروة الحيوانية وتنميتها؟ الخلاصة عيد الأضحى هذه السنة، في تونس، لم يكن مجرد موعد ديني، بل محطة تُجدد فيها الأسئلة الجوهرية حول الخيارات الاقتصادية والاجتماعية للدولة. فبين الأمل في إصلاح حقيقي، والخيبة من تكرار السياسات المرتجلة، يبقى المواطن هو الحلقة الأضعف… وهو من يدفع الثمن كل مرة.