ما بين التقاليد العريقة والطموحات الكبرى، يجد النادي الإفريقي نفسه هذه الأيام في خضم أزمة متعدّدة الأوجه، تتراوح بين الإخفاقات الرياضية، التخبط الإداري، والتوتر الجماهيري المتصاعد، خاصة بعد الخروج المرير من ربع نهائي كأس تونس، وما تبعه من تصريحات لاذعة من أبرز مموليه، الأمريكي فرجي شامبرز، الذي لم يتوانَ في التعبير عن امتعاضه من الأداء العام للنادي ومنحى تسييره.
خسارة موجعة تفتح الجراح
كان انسحاب الإفريقي من الدور ربع النهائي لكأس تونس بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. فبعد أداء باهت طغى عليه الارتباك وسوء التنظيم التكتيكي، غادر الفريق منافسة كانت تعدّ بمثابة طوق النجاة لهذا الموسم، لتتعالى أصوات الغضب من المدرجات ومنصات التواصل الاجتماعي. جماهير الأحمر والأبيض، التي لطالما عُرفت بولائها وتعلقها غير المشروط، عبّرت هذه المرة عن غضب غير مسبوق، ورفض قاطع لما آل إليه وضع فريقهم.
الهيئة التسييرية الجديدة: بداية مرتبكة وثقة مهزوزة
لم يمر وقت طويل على تولي الهيئة التسييرية الجديدة لمقاليد إدارة النادي حتى بدأت تتصاعد الانتقادات حول أسلوب عملها، وخصوصًا في ما يتعلّق باختيار الإطار الفني والتعامل مع الملفات المالية واللوجستية. الأداء المتواضع للفريق، والعجز عن خلق ديناميكية جديدة داخل المجموعة، جعلا الهيئة في مرمى النيران، وسط حديث عن ارتجالية القرارات وضعف التنسيق مع الطاقم الفني.
المدرب بيتوني تحت المجهر
المدرب بيتوني هو الآخر لم يَسلم من الانتقادات. خططه التكتيكية، اختياراته الفنية، وافتقاده للحلول خلال المباريات الحاسمة، كانت جميعها عوامل غذّت الاستياء الشعبي. العديد من المحللين اعتبروا أن المدرب لم يتمكّن من فهم هوية النادي ولا كيفية التعامل مع ضغط جماهيره، خصوصًا في ظل فقدان الروح القتالية التي كانت تميّز الإفريقي تاريخيًا.
فرجي شامبرز: تصريحات تهزّ الكيان
وفي تطور غير معتاد، خرج المموّل الرئيسي للنادي، رجل الأعمال الأمريكي فرجي شامبرز، عن صمته من خلال موقعه الرسمي، حيث وجّه انتقادات حادّة لإدارة النادي، معتبرًا أن “الإخلالات واضحة في كل المستويات، والنتائج الحالية لا تعكس لا حجم الاستثمار ولا تطلعات الجماهير”. تصريح شامبرز أحدث زلزالًا داخل أروقة الفريق، واعتبره البعض إنذارًا أخيرًا قبل سحب الدعم المالي، في حين رأى آخرون أنه محاولة لإعادة توجيه بوصلة التسيير قبل فوات الأوان.
اجتماع طارئ… وبيان رسمي
إزاء هذا الوضع المتأزم، دعت الهيئة التسييرية إلى عقد اجتماع عاجل لتدارس تداعيات الوضع واتخاذ إجراءات سريعة. وقد صدر عن الاجتماع بيان رسمي، حصلنا على نسخة منه، أهم ما جاء فيه مضوع استقالة الهيئة التسييرية بكامل أعضائها,
ماذا بعد؟
أزمة النادي الإفريقي ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج تراكمات طويلة من سوء التسيير، وتغير الإدارات، وتغليب المصالح الضيقة على مصلحة النادي. غير أن ما يزيد خطورة الوضع اليوم، هو غياب الرؤية الواضحة، وضعف التواصل بين الإدارة والجماهير، وتزايد الإحباط داخل المجموعة.
فهل تكون هذه الأزمة بداية لنهاية مرحلة وبداية أخرى جديدة أكثر احترافية؟ أم أن نادي باب الجديد سيواصل العيش في دوامة الأزمات والقرارات المرتجلة؟
الأيام القادمة كفيلة بالإجابة… ولكن المؤكد أن الجماهير لم تعد تصبر أكثر.